الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
فلما سمعه قال نعم وأذنبة وأطلقه من أسره.وقال الآخر: وقيد قوله بابن الأب لاستثناء عيسى عليه السلام، لأنه لم يمت، على أنه عليه السلام قد يكون له نصيب من المنايا بعد نزوله كما صح في الأخبار، راجع الآية 58 من سورة الزخرف المارة، وهو من الأصل الدلو الذي يستسقى به الماء في البئر ويقتسم به الماء، قال الراجز: وإذ أبيتم قلنا القليب.قال تعالى: {فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ يَوْمِهِمُ الَّذِي يُوعَدُونَ} 60 به على لسان رسلهم، وهذا وعيد لهم بالويل والثبور من هول وفظاعة ما يلاقونه في الآخرة من العذاب على ما فعلوه بالدنيا من العصيان والكفر، وختمت هذه السورة بما ذكر أولها في قوله: {إِنَّما تُوعَدُونَ لَصادِقٌ} فقال: {فَوَيْلٌ} إلخ، أي مما يوعدون إذا لم يتوبوا ويرجعوا عمّا هم عليه، إذ يكون مصيرهم الهلاك الذي ما فوقه هلاك.هذا واللّه أعلم، واستغفر اللّه، ولا حول ولا قوة إلا باللّه العلي العظيم، وصلى اللّه على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا، والحمد للّه رب العالمين. اهـ. .فصل في الوقف والابتداء في آيات السورة الكريمة: .قال زكريا الأنصاري: سورة والذاريات مكية.قوله: {والذاريات} والمعطوفات عليها أقسام وجوابها {إنما توعدون لصادق} والوقف عليه تام إن جعل ما بعده مستقلا وليس بوقف إن جعل معطوفا عليه وهو الأجود.{لواقع} تام وكذا {من أفك}.{يوم الدين} كاف وكذا {يفتنون} و{ذوقوا فتنتكم}.{تستعجلون} تام.{ربهم} كاف وكذا {محسنين}.{كانوا قليلا من الليل ما يهجعون} قيل ما مصدرية أي كان هجوعهم من الليل قليلا وقيل نافية أي كان عددهم قليلا {ما يهجعون} أي لا ينامون من الليل فالوقف في الأول على {ما يهجعون} وفي الثاني على {قليلا} ثم على {ما يهجعون} وهما صالحان والأحسن الوقف على {يستغفرون}.و{المحروم} كاف وكذا {للموقنين} والأحسن {وفي أنفسكم}.{تبصرون} كاف.{توعدون} حسن.{تنطقون} تام.{فقالوا سلاما} حسن وكذا {قال سلام} وقال أبو عمرو فيهما كاف.{منكرون} كاف أي أنتم قوم منكرون.{ألا تأكلون} كاف وكذا {لا تخف} و{بغلام عليم}.{قال ربك} تام.{العليم} حسن.{المرسلون} كاف.{من طين} جائز.{للمسرفين} كاف وكذا {من المسلمين}.{الأليم} حسن.{أو مجنون} صالح.{مليم} كاف وكذا {كالرميم}.{ينظرون} صالح.{منتصرين} كاف.{فاسقين} حسن.{لموسعون} صالح.{فرشناها} جائز.{الماهدون} كاف وكذا {تذكرون}.{مبين} حسن وقال أبو عمرو تام.{إلها آخر} كاف.{مبين} حسن وكذا {كذلك} أي الأمر كذلك.{أو مجنون} حسن وقياس ما مر صالح.{أتواصوا به} كاف. وكذا {طاغون}.{المؤمنين} تام.{ليعبدون} حسن وكذا {يطعمون}.{المتين} كاف وكذا {يستعجلون}.آخر السورة تام. اهـ..قال أحمد عبد الكريم الأشموني: سورة الذَّاريات مكية ستون آية.ولا وقف من أوَّلها إلى {إنَّما توعدون لصادق} والواو في {والذّاريات} للقسم وما بعدها للعطف وجواب القسم {إنَّما توعدون لصادق} وهو تام.وحكي عن سيبويه أنَّه سأل الخليل بن أحمد لِمَ لَمْ تكن الواو التي بعد واو القسم كواو القسم فأجابه بقوله لو كانت قسمًا لكان لكل واحدة من الواوات جواب فلذلك صارت هذه الأشياء قسمًا في أوائل السور وإن طال النسق فلو قلت والله لا أكلم زيدًا غدًا ولا أرافقه ولا أشاركه ولا أبيعه من غير إعادة لفظ الجلالة ثم فعلت جميع ذلك فكفارة واحدة بالفعل الأوَّل ولا شيء عليك فيما بعده لأنَّ المعطوف على القسم من غير إعادة لفظ الجلالة غير قسم وشرط التمام في لصادق أن يجعل ما بعده مستقبلًا وليس بوقف إن عطف على ما قبله وداخلًا في الجواب ومن تتمته لأنَّ شأن القسم إذا ابتدئ به لابدَّ أن يكون له جواب وأما لو توسط نحو ضرب والله زيد أو تأخر نحو ضرب زيدٌ عمرًا والله فلا يحتاج إلى جواب.{لواقع} تام إن جعل ما بعده مستأنفًا قسمًا ثانيًا فيكون قد أقسم بالذَّاريات فالحاملات فالجاريات فالمقسمات فجعل مجموعها قسمًا واحدًا.وفصل أبو حيان حيث قال والَّذي يظهر أنَّ المقسم به شيئان فإنَّ العطف بالواو أشعر بالتغاير وإن جاء بالفاء دل على أنَّها لموصوف واحد كقوله: {والعاديات ضبحًا فالموريات قدحًا فالمغيرات صبحًا} فهي راجعة إلى العاديات وهي الخيل انظره في المرسلات وليس بوقف إن جعل ما بعده داخلًا في جواب القسم والقسم الثاني في قوله: {والسماء ذات الحبك} وجوابه {إنَّكم لفي قول مختلف} و{مختلف} ليس بوقف إن جعل {يؤفك} في موضع جر صفة لقول وإن جعل مستأنفًا حسن الوقف على {مختلف}.{من أُفك} تام على الوجهين.{ساهون} ليس بوقف لأنَّ {يسألون} صفة {الذين} و{أيَّان يوم الدين} مبتدأ وخبران قيل هما ظرفان فكيف يقع أحد الظرفين في الآخر أجيب بأنَّه على حذف مضاف أي أيَّان وقوع يوم الدين قاله السمين.{يوم الدين} كاف لأنَّ {يوم} مبتدأ و{هم} خبره وقيل ليس بوقف لأنَّ {يوم} في موضع رفع إلاَّ أنَّه مبني على الفتح وهو بدل من قوله: {يوم الدين}.وقرأ ابن أبي عبلة {يوم هم} بالرفع ويؤيد بالقول بالبدلية ورسموا {يوم هم} كلمتين {يوم} وحدها كلمة و{هم} وحدها كلمة فهما كلمتان كما ترى.{يفتنون} كاف.{فتنتكم} حسن لأنَّ {هذا} مبتدأ و{الذي} خبره أي هذا العذاب.{تستعجلون} تام للابتداء بإنْ.{وعيون} ليس بوقف لأنَّ {آخذين} حال من الضمير في {وعيون} ولو قرئ {آخذون} بالرفع لساغ عربية وذلك أنَّ الظرف قد قام مقام الاستقرار والرفع على أنَّه خبر إنْ ويكون الظرف ملغى كقوله: {إنَّ المجرمين في عذاب جهنم خالدون} قاله العبادي.{ما آتاهم ربُّهم} كاف ومثله {محسنين} وكذا {ما يهجعون} قيل ما مصدرية وقيل نافية فعلى أنَّها مصدرية فالوقف على {يهجعون} وفي الثاني على {قليلًا} والتقدير على أنَّها مصدرية كان هجوعهم من الليل قليلًا وعلى أنَّها نافية كان عددهم قليلًا ما يهجعون أي لا ينامون من الليل قال يعقوب الحضرمي اختلف في تفسيرها فقيل كانوا قليلًا أي كان عددهم يسيرًا ثم ابتدأ فقال من الليل ما يهجعون وهذا فاسد لأنَّ الآية إنَّما تدل على قلة نومهم لا على قلة عددهم وقال السمين نفي هجوعهم لا يظهر من حيث المعنى ولا من حيث الصناعة أما الأول فلابد أن يهجعوا ولا يتصور نفي هجوعهم وأما الصناعة فلأنَّ ما في حيز النفي لا يتقدم عليه لأنَّ مالا يعمل ما بعدها فيما قبلها عند البصريين تقول زيدًا لم أضرب ولا تقول زيدًا ما ضربت هذا إن جعلتها نافية وإن جعلتها نافية وإن جعلتها مصدرية صار التقدير كان هجوعهم من الليل قليلًا ولا فائدة فيه لأنَّ غيرهم من سائر الناس بهذه المثابة.{يستغفرون} كاف ومثله {المحروم} وكذا {للموقنين}.{وفي أنفسكم} أكفى منه.{تبصرون} كاف ومثله {توعدون} وقرأ ابن محيصن {وفي السماء رازقكم} اسم فاعل والله سبحانه وتعالى متعال عن الجهة ولا يوقف على {رزقكم} لأنَّ قوله: {وما توعدون} موضعه رفع بالعطف كأنَّه قال وفي السماء رزقكم وما وموعدكم والموعود به الجنة لأنَّها فوق السماء السابعة أو هو الموت والرزق المطر وقيل وما توعدون مستأنف خبره فورب السماء والأرض وقوله: {إنَّه لحق} جواب القسم وعليه فالوقف على {رزقكم}.{توعدون} كاف.{فورب السماء والأرض إنَّه لحقٌّ} ليس بوقف على قراءة من قرأ {مثل} بالرفع لأنَّ مثل نعت لحق كأنَّه قال حق مثل نطقكم وبهذه القراءة قرأ حمزة والكسائي وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر وحفص {مثل ما} بنصب مثل على الحال من الضمير في لحق أو حال من نفس حق أو هي حركة بناء لما أضيف إلى مبنى بنى كما بنيت غير في قوله:{تنطقون} تام.{المكرمين} جائز إن نصب إذ بمقدر وليس بوقف إن نصب بحديث بتقدير هل أتاك حديثهم الواقع في وقت دخولهم عليه ولا يجوز نصبه بأتاك لاختلاف الزمانين وقرأ العامة {المكرمين} بالتخفيف وعكرمة بالتشديد ونصب {سلامًا} بتقدير فعل أي سلمنا سلامًا أو هو نعت لمصدر محذوف أي فقالوا قولا سلامًا لا بالقول لأنَّه لا ينصب إلاَّ بثلاثة أشياء الجمل نحو {قال إنِّي عبد الله} والمفرد المراد به لفظة نحو يقال له إبراهيم والمفرد المراد به الجملة نحو قلت قصيدة وشعرًا ورفع {سلام} بتقدير عليكم سلام.{فقالوا سلامًا} حسن ومثله {قال سلام} ثم تبتدئ {قوم منكرون} أي أنتم قوم منكرون وهو كاف ومثله {سمين} على استئناف ما بعده وليس بوقف إن عطف ما بعده على ما قبله.{فقربه إليهم} حسن ومثله {تأكلون}.{خيفة} جائز ومثله {لا تخف}.{بغلامٍ عليم} كاف.{فصَّكت وجهها} جائز.{عقيم} كاف ومثله {قال ربك} وتام عند أبي حاتم.{العليم} تام.{أيها المرسلون} كاف ولا وقف من قوله: {قالوا إنَّا أرسلنا} إلى {للمسرفين} فلا يوقف على {مجرمين} لأنَّ بعده لام كي ولا على {من طين} لأنَّ {مسّومة} من نعت حجارة كأنَّه قال حجارة مسومة أي معلمة عليها اسم صاحبها ومن حيث كونه رأس آية يجوز.{للمسرفين} كاف على استئناف ما بعده.{من المؤمنين} جائز مع العطف بالفاء واتصال المعنى وإنَّما جاز مع ذلك لكونه رأس آية.{من المسلمين} كاف.{الأليم} تام لتناهي القصة.{مبين} جائز ومثله {أو مجنون}.{مليم} تام على استئناف ما بعده.{العقيم} جائز.{كالرميم} كاف.{حين} جائز.{ينظرون} كاف ومثله {منتصرين} لمن قرأ {وقوم نوح} بالنصب بفعل مضمر أي وأهلكنا قوم نوح وليس بوقف إن عطف على مفعول {فأخذناه} أو عطف على مفعول {فنبذناهم} أو عطف على مفعول {فأخذتهم الصاعقة} أو جر عطفًا على محل {وفي ثمود} ومن حيث كونه رأس آية يجوز قرأ الأخوان وأبو عمرو {وقوم نوح} بجر الميم عطفًا على {ثمود} فعلى قراءتهم لا يوقف على {حين} ولا على {ينظرون} ولا على {منتصرين} لأنَّ الكلام متصل فلا يقطع بعضه عن بعض والباقون بالنصب.{من قبل} جائز.{فاسقين} تام.{بأيد} جائز ورسموا {بأييد} بياءين بعد الألف كما ترى.{لموسعون} كاف.{فرشناها} جائز.{الماهدون} تام.{تذكرون} كاف ومثله {إلى الله} وكذا {مبين} وكذا {الها آخر} وكذا {مبين} الثاني.{كذلك} أكفى فالكاف في محل رفع أي الأمر كذلك فالتشبيه من تمام الكلام فالكاف خبر مبتدأ محذوف أو في محل نصب أي مثل تكذيب قومك إياك مثل تكذيب الأمم السابقة لأنبيائهم ولا يجوز نصب الكاف يأتي لأنَّها ليست متصلة بشيء بعدها لأنَّ ما إذا كانت نافية لم يعمل ما بعدها في شيء قبلها ولو أتى موضع ما بلم لجاز أن تنصب الكاف باتي لأنَّ المعنى يسوغ عليه والتقدير كذبت قريش تكذيبًا مثل تكذيب الأمم السابقة رسلهم.
|